تحقيق داليا أمين
السمنة قاتل صامت.. ضيف ثقيل يتسلل إلى حياتنا في غفلة منا .. يؤثر على نشاطنا وعملنا واختياراتنا لملابسنا .. وبعد فترة يبدأ فى استضافة المزيد من الضيوف .. اقصد الأمراض .. بداية من ارتفاع ضغط الدم والتهاب المفاصل وخشونة الركبتين وحتى يصل بك إلى تصلب الشرايين وأمراض القلب والسكتات الدماغية وغيرها من الأمراض القاتلة التي قد تودي بحياتك في لحظة .. فهل نستسلم ونترك حياتنا لعبة تتقاذفها أمراض السمنة والبدانة ؟ ام نتخذ قرارنا بالتخلص من الدهون المخزنة في اجسادنا ؟ وهل اذا فشلنا فى انقاص وزننا باتباع النظام الغذائى يمكننا ان نلجأ الى جراحات السمنة ؟ وماذا عن القصص الكثيرة التي تحكي عن أشخاص صارعوا الموت على طاولة العمليات وعانوا لعام كامل من تناول السوائل وبعد كل هذا العذاب استعادوا كل ما فقدوه من وزن بعد سنوات قليلة ..ويؤكد الأطباء انه إذا كنت تفكر في الخضوع لعملية لعلاج السمنة ، يجب ان تعلم الحقيقة ، وهى أنها ليست حلًا سحريًا يحملك إلى الرشاقة ، بل لها الكثير من المخاطر والمضاعفات خاصة إذا أجريت على يد طبيب غير خبير أو إذا لم تهتم باتباع تعليمات الدكتور بحرص وعناية.
ضحايا عمليات السمنة
“نورهان” فتاه كانت ترغب فى إنقاص وزنها قبل عقد قرانها ، الذى وصل إلى 87 كيلو جراما واتفقت مع طبيب فى مستشفى بالدقى لاجراء جراحة تكميم معدة مقابل 25 ألف جنيه ، من خلال إعلان بموقع التواصل الاجتماعى ، وظلت 4 أيام بالمستشفى ، ولكن بعد مغادرتها المستشفى حدث تسرب خارج المعدة ، وتواصل الأهل مع الطبيب ، وتطور الأمر للأسوأ، وحدث صديد، لتعود إلى للمستشفى مرة أخرى ويتم تركيب دعامة لتحويل مسار الطعام ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أصبحت حالتها تسوء ، وأجرت بعدها 4 جراحات لتركيب درنقتين ، لتظل قرابة 48 يومًا من بعد العملية فى معاناة ، حيث تضرر فيها الكبد والطحال ، ووصلت نسبة الأكسجين فى الدم إلى 48% لتلقى حتفها ، وتم عمل محضر ضد الطبيب “ع. خ”
مأساة آخرى لفتاة “16 عاماً”، خضعت لجراحة تحويل مسار ، ولكن بعد أسبوع من الجراحة تدهورت حالتها الصحية لتتوفى فى المستشفى ، وتم تحرير محضر بالواقعة ، وقد اتهم فيه والد الطفلة طبيب الجراحة الذى أجرى العملية لابنته فى أحد المستشفات بالعباسية ، وكذلك أطباء معمل التحاليل بالنزهة بالإهمال الطبى والتسبب فى وفاة ابنته.
كما حرر المتضررون من عمليات السمنة محاضر عديدة فى الأقسام وفى نقابة الأطباء ووزارة الصحة ، وتقدموا ببلاغات للنائب العام أيضًا ومن بين هذه المحاضر بلاغ للنائب العام برقم 20831 باسم نجوى حسن خليل ، وبلاغ آخر باسم أميرة حسن خليل برقم 2450 إدارى الدرب الأحمر، والتى توفيت ، كما قدم المتضررون منه شكوى لوزير الصحة برقم 14201 ولنقابة الأطباء برقم 1804، ومازالت الشكاوى محل نظر
شكاوى لنقابة الأطباء
وقد أعلنت نقابة الأطباء أنها تتلقى حوالى 1000 شكوى سنوياً ، ويتم التحقيق فيها بعد فحصها وإحالة الطبيب إلى لجنة التأديب بنقابة الأطباء ، وعندما يثبت التحقيق إدانته يتم إيقافه عن مزاولة المهنة لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة ، وبعد انتهاء المدة يقدم طلبًا إلى وزارة الصحة لمزاولة المهنة ، ولا يتم إعادته للعمل إلا بقرار من الوزير وبعد تأهيله من خلال المجلس الطبى بالوزارة ، وفى حالة الشطب من النقابة لا تتم إعادته لمزاولة المهنة مرة أخرى.
السمنة تهدد الصحة
فى البداية تقول الدكتورة سمية يحيى استشارى التغذية العامة ان دراسة طبية حديثة كشفت عن أن 19 مليون مصرى يعانون من السمنة المفرطة ، واكد الباحثون أن البدانة تشكل تهديدًا كبيرًا على صحة المصريين ، وتؤدى إلى الإصابة بأمراض مثل السكر والقلب و السرطان ، وأوضحت الدراسة أن 39% من السيدات المصريات ، يعانين من السمنة بنحو 10 ملايين امرأة ، وهى تمثل نسبة 2.7% فى معدلات السمنة العالمية ، وهو ما جعل مصر تحتل المركز الثانى عالميًا فى معدل سمنة النساء ، وللتخلص من السمنة يجب فى البداية يجب تحديد الأسباب التي سببت لك السمنة ، وتتخلص من العادات غير الصحية ، وتتعلم كيف تلتزم بممارسة الرياضة. ويجب أن تتعرف على الأطعمة الصحية ، وأن تقاوم اشتهاء السكريات وإدمانها. وايضا عليك أن تعلم أنك ستمر بمرحلة تغير للهرمونات مع فقدانك للوزن ، وأنك ستتعرض للاصابة بالقلق والاكتئاب نتيجة هذه التغيرات الهرمونية ، وقد تكون هذه الفترة صعبة ، وربما تحتاج إلى دعم نفسي ومعنوي
جراحات ناجحة ولكن !
ويضيف الدكتور سيد كامل استشارى جراحات السمنة ان عمليات شفط الدهون وتكميم المعدة وتحويل مسار المعدة تكسب الجسم مظهرًا جميلًا وتزيد من الثقة فى النفس وتحسن صحة الجسم ، وفي الآونة الأخيرة زاد إقبال الناس عليها خصوصًا السيدات ، ولكن على الرغم من إيجابيات عمليات السمنة إلا أنَّ لها أضرار كثيرة ، فقد تؤدي إلى حدوث المضاعفات الجانبية وقد تصل إلى الوفاة لا قدر لله ، حيث ان نتائجها غير مضمونة رغم تكلفتها المرتفعة ، ومن هذه الأضرار حدوث عدوى والتهابات في منطقة الجراحة ، ارتفاع حرارة الجسم وانخفاض قدرة الجسم عن التنفس ، ومن الممكن أن يحصل نزيف في مكان العملية ، او حدوث ندبات وآثار في الجلد ، وقد يستغرق المريض وقتًا طويلًا في الشفاء ، فالعمليات التجميلية التي تتم على مساحة واسعة من الجلد ، تحتاج إلى فترة أطول في الشفاء ، وقد تصل إلى عدة أشهر، وتعتمد سرعة الشفاء على عدة عوامل ، منها عمر الشخص وحالته الصحية ونوع العملية الجراحية .
ويرى الدكتور سعيد الجندى استشارى جراحات التجميل ان من سلبيات عمليات التجميل احتمال حدوث الوفاه وعلى الرغم من انها غير شائعة الحدوث إلا أنها ممكنة ، والسبب في ذلك أن العمليات التخسيس تعتمد على استخدام مواد كيميائية عديدة ، ومعداتٍ قد تسبب دخول فى صدمة ، تؤدي في النهاية إلى الوفاة ، كما انه من الممكن أن يحصل نزيف شديد وانخفاض ضغط دم شديد والذي يؤدي ايضا إلى الوفاة. كما ان هناك احتمال عدم الحصول على نتائج مرضية ، ففي كثيرٍ من الحالات تكون النتائج سيئة ، وأحيانًا تزيد عمليات التجميل الوضع سوءًا. فتحدث اضطراباتٍ نفسية ، تؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس. لذلك يعتبر الخيار الجراحي لعلاج السمنة عموماً وخاصة عملية قص المعدة او ما يطلق عليه تكميم المعدة آخر الخيارات والحلول لعلاج السمنة ، فعلى الرغم من النتائج السريعة المغرية إلا أن تلك النتيجة لابد أن تدفع ثمنها ليس فقط من مالك وإنما من أعراض جانبية قد لا يمكنك تجنبها فلا يمكن اعادة الجزء المقصوص من المعدة
ويؤكد الدكتور الجندى انه فى الاونة الاخيرة ازدادت عدد المراكز المتخصصة فى جراحات السمنة بصورة لا يمكن حصرها ولكن عليك قبل أن تقرر إجراء عملية في أيٍ منها أن لا تغتر بالدعاية المنتشرة سواء على القنوات أو على مواقع التواصل الاجتماعى ولا بد أن تتأكد من خضوع المركز لرقابة وزارة الصحة وأن تتواصل مع المرضى الذين سبق وأن أجروا عمليات في هذا المركز ناصحا بضرورة التأكد من سمعة الطبيب ، وأنه حاصل على رخصة للقيام بهذا النوع من العمليات ، ولديه سابق خبرة والمركز مؤهل ، والتعرف على عمليات سابقة تمت داخله
ويرى الدكتور رامي سعيد استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد وأمراض السمنة ، ان عملية بالون المعدة تعتبر من افضل عمليات التخسيس في مصر و هي إحدى عمليات التخسيس غير الجراحية ويتم خلالها تصغير حجم المعدة دون إزالة جزء منها ، وذلك من خلال وضع بالون من السيليكون المطاطي داخل المعدة يساعد على الشعور بالشبع بمجرد تناول كميات بسيطة من الطعام ولكنها تكون مناسبة للأشخاص الذين يرغبون في فقدان 10-20 كيلوجرام ويكون مؤشر كتلة الجسم لديهم 30- 40 ويشترط للقيام بالعملية عدم إصابة الشخص بمشاكل في المعدة أو المريء كتعرضه للالتهابات والقرح ، ولكن لها ايضا اثار جانبية ، ففد ينتاب الشخص شعور بعدم الراحة في الأيام الأولى بعد العملية كما يمكن الشعور بالقيء والغثيان والألم بالمعدة وهو أمر طبيعي يزول بعد أيام حتى يعتاد الجسم على وجود البالون داخل المعدة ، وتعتبر تلك الأعراض بسيطة يمكن علاجها ببعض الأدوية والعقاقير الطبية
مهارة الجراح
اما فى حالة زيادة الوزن بنسبة كبيرة تعد عملية تحويل مسار المعدة واحدة من أكثر جراحات السمنة نجاحاً على الإطلاق ، ليس فقط علاج السمنة وإنما بإمكانها علاج الكثير من الأمراض المرتبطة بالسمنة كالسكر، وأمراض ضغط الدم ، والنقرس ،حيث يقوم الطبيب فيها بتوصيل المعدة مباشرة بالأمعاء الدقيقة فيكون حجم المعدة صغير وهناك جزء من الأمعاء الدقيقة لا يمر به الطعام (حوالي 2 متر) والجدير بالذكر أن نجاح عملية تغير مسار المعدة يتوقف على مهارة الجراح الذي أجراها ، لذلك يمكننا القول أن أضرارها تختلف بإختلاف طريقة الإجراء ، وبإختلاف الجراح ، وتتفاوت من شخص لاخر ، فقد يحدث نزيف في المعدة ، أو في أي مكان مثل شرايين الطحال ، والبنكرياس ، والكبد ، وقد يتعرض المريض للإصابة بتسريب معدي في الوصلة بين المعدة والأمعاء ، أو في مكان عزل المعدة ، وايضا يتعرض حوالي 5% من المرضى للإصابة بنوبات قىء نتيجة لعوامل في قطر التوصيلة ، أو حجم المعدة ، وقد يتعرض المريض لحدوث إرتجاع في المرئ ، وقد يحدث تقرحات حول فتحة الوصلة بين المعدة والأمعاء ، ويحدث هذا نتيجة إرتفاع نسبة الحمض في جسم المريض ، وقد يحدث فقدان مبالغ فيه للوزن ، أو عدم الوصول للوزن المرغوب فيه .
اما عملية تكميم المعدة فهي عملية من عمليات التخسيس المهمة ، حيث يقوم الطبيب بقص جزء من المعدة لتصبح المعدة أصغر حجما ليكون الشكل الجديد للمعدة يشبه الأنبوب او الكم الضيق
عن طريق تدبيس المعدة بشكل عمودي وإزالة الجزء المنحني الأكبر منها ، وبعد عملية قص المعدة ، قد تخسر حوالى 85% من معدتك ، وهذا يعني أنك لا تستطيع أن تأكل أكثر من 2-5 اوقية من الطعام ، لذلك يمكن أن يفقد المرضى ما بين 40 ٪ إلى 70 ٪ من وزنهم الزائد في السنة الأولى بعد الجراحة ، وبالتالى تختفى العديد من الامراض المرتبطة بالسمنة ، ولكن ايضا قد تتعرض لمجموعة من الاثار الجانبية المرتبطة بالجراحة نفسها والتخدير العام، وهي تشمل : حساسية من البنج المستخدم وصعوبة فى التنفس وجلطات الدم التي يمكن أن تنتقل إلى الرئتين ، والتعرض لخطر الاصابة بالسكتة الدماغية أو النوبات القلبية أثناء الجراحة ، وتهيج وتلف أعصاب المعدة بعد الجراحة ، والتسرب في موقع تدبيس المعدة، او المعاناة من متلازمة الإغراق : وتعنى انه يمكن أن يحدث الغثيان ، والإسهال بعد تناول الأطعمة الغنية بالسكر
وفى النهاية يؤكد الدكتور سيد حاتم استشارى جراحات التجميل انه مع كل هذه المخاطر والاثار الجانبية الا انه اذا اجريت العملية بشكل سليم ، فان الدراسات تؤكد على نجاح عمليات السمنة في التخلص من الوزن الزائد بنسبة تتجاوز 95% في عمليات تحويل مسار الاثنى عشر، ، وبنسب لا تقل أبدًا عن 80% في جراحات تكميم المعدة .. الا ان فترة ومدة النقاهة لعملية السمنة تتوقف على نوع العملية التي أجريتها ، وبطبيعة الحال تقل فترة النقاهة عند اللجوء لعملية تتم بالمنظار (مثل بالون المعدة مثلًا) وتزيد في حالات الجراحات الكبيرة مثل تدبيس المعدة.
داليا أمين